مشادة كلامية حدثت بين عادل وامجد اللذين كان يتحدثان عبر اسلاك الهاتف.. وقد لفتت انتباه كل من في المنزل تقريبا .. واسرع احمد الى والده وقال متسائلا: ما الامر يا والدي؟..
لكن والده لم يجبه بل قال بعصبية: هل تظن ان الامر لعبة اطفال؟ .. لقد وافقت ..ومها ايضا وافقت.. فكيف تتراجعان الآن عن موافقتكما؟.. وتقول لي بكل برود.. ان مها ترفض ابنك.. ولا تريد الزواج به..
اتسعت عينا احمد لما يسمع.. وانصت باهتمام وبكل حواسه للحديث الدائر بينهما.. في حين قال امجد في تلك اللحظة: لقد اخبرتك اني قد اضطررت للموافقة.. بعد ان علمت ان الشركة ستكون في خطر.. لكن الآن لم اعد اهتم .. مايهمني حقا هي مصلحة ابنتي..
قال عادل بانفعال: يبدوا ان جنون خالد قد انتقل اليك.. تريد ان تخسر شركتك من اجل ابنتك..
قال امجد بهدوء: انها تستحق ان اضحي من اجلها بأي شيء..
قال عادل بعصبية: احمق.. انت وشقيقك احمقين.. وستظلان كذلك دائما..
قال امجد بهدوء: ربما سأخسر اموالي.. لكني لن اخسر ابنائي ..
- هذه ليست افكارك.. بالتأكيد خالد هو الذي...
قاطعه امجد بحدة قائلا: لا شأن لخالد بالموضوع.. كل ما في الامر انني اقتنعت بأن سعادة ابنتي اهم من كل شيء.. لهذا لن ازوجها شخص تحيا معه تعيسة طوال عمرها..
قال عادل بخشونة: اظن ان الحياة مع ابني ستجعلها في ارقى المستويات.. وترتدي اجمل الثياب والمجوهرات..
قال امجد ببرود: السعادة ليست بالمال.. واخبرك للمرة الاخيرة .. ان طلبك مرفوض.. وابحث لابنك عن زوجة غير مها..
قال عادل بحدة: اقسم على ان تندم.. فلست اهلا لان تتحداني يا امجد..
قالها عادل واغلق سماعة الهاتف في غضب.. في حين قال احمد متسائلا بذهول: احقا ما سمعته يا والدي؟.. ارفضت مها الزواج بي؟..
قال عادل وهو يكور قبضته بعصبية: فقط لو اعرف من غير افكار عمك نجاه هذه الزيجة..
اما احمد فقد قال بحدة: اذا ما قالته ذلك اليوم كان صحيحا .. لقد رفضتني حقا.. لكن انا من سيجعلها تندم..
قال عادل بصرامة: لا داعي لان تتصرف أي تصرف احمق ..يكفي ما سأفعله بهم انا.. ليعيد لهم صوابهم.. ويجعل امجد يترجاني لأن اقبل بزواج ابنته منك..
تسائل احمد قائلا باهتمام: وما الذي ستفعله يا والدي؟..
التقط عادل سماعة الهاتف وقال بمكر: سأنفذ تهديدي..
وضغط ازرار الهاتف وما ان اجابه الطرف الآخر حتى قال: اهلا فؤاد.. كيف حالك؟.. استمع الي.. سأطلب منك طلبا... قم بسحب رأس المال الخاص بك من شركة امجد.. . لقد رفض ارتباط مها واحمد.. يقول ان الاهم لديه هو سعادة ابنته.. سأقوم بسحب رأس المال الخاص بي انا الآخر.. وريما بعدها يعود عقله الى راسه.. فليكن.. الى اللقاء..
قالها والتفت الى احمد وهو يقول بخبث: ما رأيك؟..
ابتسم احمد بخبث مماثل قائلا: فكرة لا بأس بها.. واظن ان عمي امجد بعدها سيأتي الى منزلنا طلبا للرضى..
قال عادل بسخرية: هذا ما سيحدث بكل تأكيد..
والتفت عن ابنه ليسير مغادرا المكان .. بعد ان قرر ان يتجبر ويظلم عائلة هي اقرب العائلات له.. عائلة شقيقه وابناءه ...
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
اصوات الحان عذبة انتشرت في ذلك المنزل بأكمله تقريبا.. لتتسلل الى النفوس.. وترغم أي شخص على ان ينجذب لها ويستمع اليها..ووسط كل هذا.. توجه كمال الى تلك الغرفة التي صدرت منها تلك الالحان.. وتطلع الى ملاك التي كانت اناملها تتقافز على مفاتيح البيانو بكل رقة..
وطال تطلعه لها حتى ان ملاك قد شعرت بشخص ما يتطلع اليها .. فتوقفت عن العزف والتفتت الى كمال الذي كان يراقبها بعينين غامضتين وهو يعقد ذراعيه امام صدره ويستند الى جدار الغرفة..وقال متسائلا : لم توقفت عن العزف؟..
قالت ملاك متسائلة: ما الذي تفعله هنا؟..
قال كمال وهو يتقدم منها وبابتسامة: جئت لاستمع الى هذه الالحان الجميلة.. وفي الوقت ذاته.. كنت ابحث عنك لاتحدث معك ..
قالت ملاك في حيرة: تفضل.. انا اسمعك..
جلس كمال على مقعد مجاور لها وقال متسائلا: كيف هي احوالك مع مازن؟..
تطلعت له ملاك بشك وقالت: ولم تسأل؟..
قال كمال بهدوء: اسأل عن احوال شقيقي وابنة عمي.. فهل اخطأت؟ ..
هزت ملاك رأسها نفيا وقالت: لا.. لكنها المرة الاولى التي تسألني فيها عن احوالنا..
- لاني قد سمعت قبل سفر مازن بفترة.. انك قد طلبت الانفصال منه.. صحيح؟..
انقبض قلب ملاك وقالت بضيق: اجل..
قال كمال متسائلا باهتمام: ولم؟..
قالت ملاك بحنق: الم تسمع سبب طلبي للانفصال ايضا؟..
عقد كمال حاجبيه وقال: لو كنت عرفت به.. لما سألتك ..
قالت ملاك مجيبه بقهر: لانه خدعني.. كذب علي.. اهان كرامتي.. تزوجني بالرغم منه وهو لا يريديني لاني فتاة عاجزة.. هل ارتحت الآن؟..
قال كمال وهو يسند ذقنه الى كفه: وبعد؟..
قالت ملاك بعد ان شعرت بالغضب من تذكرها لاحداث ذلك اليوم: كما وانه قد اتفق مع عمي .. على ان ينفصل عني بعد ان ينهض ابي من غيبوبته.. ايظنون اني مجرد لعبة في ايديهم؟.. فتاة بلا مشاعر واحاسيس ليفعلوا بي هذا دون ان يخبروني حتى ..
قال كمال فجأة: ولو اخبروك وقتها.. هل كنت ستوافقين على زواجك من مازن؟.. وانت تجدينه يريد الزواج بك لأجل حماية املاكك ليس الا..
ترددت ملاك قليلا قبل ان تجيب بصوت خافت: لا..
حدجها كمال بنظرة ثاقبة ومن ثم قال: ارأيت؟.. ها قد قلتها بنفسك.. كان مازن يفكر في طريقة لحمايتك وحماية املاكك دون ان تشعري بالامر ..
واردف قائلا بابتسامة باهتة: لقد خشى عليك حتى مني..
ارتفع حاجبا ملاك بدهشة وقالت: لم افهم..
قال كمال بابتسامة شاحبة: انت لا تعرفين شيئا عن هذا الامر.. لكن اردت ان اخبرك به.. لعلك تنسين الماضي وتسامحين مازن..
واردف وهو يزفر بحدة: عندما علمت بقرار والدي.. وانه يريد ان يزوجك من مازن.. حتى يحمي املاكك.. عندها.. طلبت من والدي ان اكون انا .. اعني اني انا من اردت ان اخطبك بدلا من مازن..
هتفت ملاك بصدمة: ماذا؟..
قال كمال في سرعة: لاني قد اعجبت بأخلاقك وشخصيتك .. اردت ان اخطبك من والدي.. ولكن.. مازن اعترض على هذا الامر.. وقال اني قد كنت سببا في ان اجرحك مرات عديدة في هذا المنزل.. وهو يخشى ان اسبب لك الحزن بسبب تصرفاتي اللامبالية..
تسائلت ملاك قائلة بذهول وعدم تصديق: انت خطبتني؟.. ومازن اعترض؟؟..و لماذا لم يخبرني احدكم بهذا الامر؟ ..
- لم يكن هناك أي داع.. فأنت وافقت على مازن وانتهى الامر .. ما اردت قوله ان مازن قد اراد حمايتك بالطريقة التي رآها مناسبة في رأيه.. لقد اراد ان تكوني ملكه منذ البداية دون ان يشعر بتصرفاته.. منذ اول يوم دخلت فيه الى هنا وهو يلاحقك بنظراته.. كما وانه قد عاتبني مرات عديدة.. لكلماتي اللامبالية التي القيها على مسامعك .. هذا غير انه قد كان احن شخص فينا عليك .. وانا اعترف له بذلك..لقد استطاع ان يخرجك من انطوائيتك.. جعلك تبتسمين للحياة من جديد.. وحتى عندما كنت منهارة لما اصاب والدك.. هو الوحيد الذي استطاع ان يهدأك..مازن هو الاحق بك من أي شخص آخر .. لقد كان لك الاخ والصديق في وقت لم يكن والدك بجوارك.. لأجلي يا ملاك.. فكري في الامر جيدا.. وفكري في مازن الذي اصبحت بالنسبة له كالدم الذي يجري في عروقه..
تطلعت له ملاك وقالت وهي تتنهد: لم تتطلب مني ان اسامحه؟.. وانت كنت تريد ان ترتبط بي في البداية.. اظن انه الاجدر بك ان تحاول ابعادي عنه.. كما يفعل جميع الناس في هذا العالم..
قال كمال بابتسامة: ليس جميع الناس متشابهون.. فكما توجد هناك ملاك بقلبها الابيض.. ويوجد عمي خالد بتفانيه وتضحيته .. يوجد ايضا.. بشر يحاولون اسعاد غيرهم حتى وان كان هذا على حساب نفسهم..
ونهض من مجلسه ليقول قبل ان ينصرف: ولا تنسي يا ملاك.. مازن هو اكثر شخص يستحقك.. ويستحق ان تسامحيه.. لأجل نفسك.. ومن اجله.. لا تتعلقي بشبح الماضي المرعب .. وتطلعي الى المستقبل المشرق الذي ينتظركما معا..
قالها وانصرف عنها.. وهو يعلم بداخله .. انه كان يقتل نفسه مع كل كلمة ينطق بها.. من كان يظن انه هو من سيحاول اقناع ملاك بأن تسامح مازن وان تعود اليه؟.. وقلبه الذي ارادها من البداية وتمناها كزوجة له.. يتخلى عنها الآن.. لأجل سعادتها.. وسعادة شقيقه..
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
(كاذب!)
كلمة نطقتها مها وهي تتحدث الى حسام عن طريق هاتفها المحمول وقالت مردفة بعدم تصديق: انت تمزح بكل تأكيد يا حسام..
قال حسام بنفي: كلا .. وانظري من النافذة لتتأكدي بنفسك ..
اسرعت مها تتوجه الى نافذة غرفتها التي تطل على مدخل المنزل.. وتطلعت الى السيارة التي بدات تقترب من سور (الفيلا)..وقالت وهي تزدرد لعابها: اذا فالامر حقيقي.. ولماذا لم تخبرني بالامس؟..
قال حسام مبتسما: اردتها ان تكون مفاجأة.. ثم الم تقولي بنفسك بأن والدك يرحب بنا في أي وقت؟.. وها انذا قد جئت اليوم لطلب يد الآنسة مها للمرة الثانية.. واتمنى ان ينتهي الامر هذه المرة بسلام.. دون طرد..
ضحكت مها على تعليقه وقالت بمرح: انا من سيطردك هذه المرة .. لأنك لم تخبرني بمجيئك.. ولن اجد الوقت الكافي للاستعداد.. اتعلم شيئا؟.. لن آتي للجلوس معكم.. هذا افضل حل..
قال حسام الذي غادر سيارته للتو : جربي فقط.. وستجدينني انتظر عند باب غرفتك..
قالت مها وهي تتطلع اليه من النافذة وابتسامة على شفتيها: حسنا .. حسنا.. دعني استعد الآن.. ولا تأخرني اكثر من هذا ..الى اللقاء..
قالتها في سرعة.. وانهت المكالمة.. لتسرع نحو خزانتها .. وتفتح احد ابوابها.. وتتطلع الى الفساتين المنتشرة على مساحة كبيرة من الخزانة.. وقضت وقتا طويلا حتى استقر اختيارها على فستان هادئ الالوان..
وما ان انتهت من تصفيف شعرها وزينتها.. حتى اسرعت تنتعل حذائها.. وكادت ان تخرج من الغرفة بعدها .. لكنها عادت لتلقي نظرة اخيرة على شكلها وزينتها في المرآة.. وما لبثت ان ابتسمت برضا وهي تغادر الغرفة اخيرا متوجهة الى الطابق الارضي..
وهناك وصلت الى غرفة الجلوس بكامل اناقتها وجمالها.. والتفت لها الجميع وهم يتطلعون اليها بنظرات اعجاب وانبهار..وسمعت لحظتها خالها وهو يقول بابتسامة: هاقد وصلت العروس..
خفق قلب مها بقوة وتقدمت من المكان لتقول بصوت خافت: اهلا بك يا خالي.. كيف حالك؟..
تطلع اليها خالها وقال بحنان: بل كيف حالك انت يا ابنتي؟..
ازدردت مها لعابها وقالت بعد ان جلست الى جوار والدها: بخير..
ابتسم لها والد حسام.. في حين تطلع لها حسام بنظرات طويلة ذات معنى.. وقال الاول وهو يلتفت الى امجد: كما اخبرتك يا امجد.. فعلى الرغم من كل ما حدث.. فلازلنا نتشرف بطلب يد ابنتك مها لابني حسام للمرة الثانية.. وارجو ان تجيب مطلبنا بالموافقة..
ازدادت سرعة خفقات قلب مها .. واطرقت رأسها في حياء.. في حين قال امجد مبتسما: بالنسبة لي ليس لدي أي مانع .. فحسام قد تربى بيننا ووسطنا.. فهو ابني كما هو ابنك تماما يا سامي..
قال سامي بهدوء: لقد كنت واثقا من هذا.. ولولا الظروف التي اجبرتك على الرفض في المرة السابقة ..لما جئت الى هنا مرة اخرى..
تساءل امجد بقلق: الظروف؟.. هل اخبرك احدهم بسبب رفضي في المرة السابقة..
ربت سامي على ساق حسام وقال بابتسامة هادئة: اجل حسام اخبرني بكل شيء.. واقنعني انه ليس ذنبك ان كنت قد وافقت على احمد لابنتك قبل ان نخطبها لحسام.. ولم ترد وضع نفسك في موقف محرج مع عادل..
تساءل امجد وهو يعقد حاجبيه بتوتر: اهذا ما اخبرك به حسام .. فقط؟..
التفت له سامي وقال وهو يعتدل في جلسته: اجل.. والآن اخبرني متى تريد ان نحدد موعد عقد القران.. فابني مستعجل بأكثر مما تتصور..
رفعت مها في تلك اللحظة عينيها الى حسام الذي كان يتطلع اليها باعجاب.. وما ان تلاقت نظراتهما حتى ابتسم لها ابتسامة تعبر عن كل ما يجيش في صدره من سعادة.. وبادلته هي بابتسامة خجلة.. تحمل فرحتها بالارتباط به اخيرا ..
قال امجد وهو يلتفت الى مها: الرأي رأي مها وحسام.. فليتفقا على موعد يناسبهما.. وسنعد نحن لهذا اليوم..
قال حسام وهو يتطلع الى مها: اذا.. هل يناسبك ان يكون موعدها بعد اسبوعين يا مها؟..
اسرعت مها تقول: لا.. على الاقل انا بحاجة لشهر او اثنين..
قال حسام باستنكار: شهر او اثنين؟..لابد وانك تمزحين..
قال امجد مبتسما: الفتيات دائما هكذا.. يردن اطول فترة ممكنة ..ليستعدن لأي حفل..
قال حسام بمرح: يبدوا واني سأجعل عقد القران غدا.. انتقاما من جميع الفتيات..
وضع امجد كفه على كتف مها وقال :ما رأيك يا مها؟.. متى تريدين عقد القران؟..
واسرع حسام يقول: لا تقولي بعد شهر.. والا جعلته غدا..
ابتسمت مها بخجل وقالت: فليكن بعد ثلاثة اسابيع ..
ومع ان هذا لم يرضي حسام ابدا.. الا انه اضطر لأن يوافق قائلا باستسلام: ما بليد حيلة.. انا موافق..
اما سامي فقد قال مازحا: منذ الآن قد بدأت مها تفرض رأيها عليك يا حسام..
قال حسام بمرح: وماذا عساني ان افعل؟.. علي ان ارضخ لأوامرها في الوقت الحالي..
قال امجد وهو يتطلع الى مها بنظرات حنان ابوية: هذه مها.. لقد دللتها طوال حياتها.. واريدك ان تضعها في عينيك يا حسام ..
قال حسام في حزم: مها في عيني الاثنتين دون ان تقول يا عمي ..
قال امجد مبتسما: انا واثق من هذا يا بني.. فأنت من كان يحمي مها ويدافع عنها.. منذ ان كنت في السابعة من عمرك ..
التفت حسام الى مها ومن ثم قال بحب: لقد كانت مشاعري تتحرك تجاهها منذ ان كانت في المهد..
توردت وجنتي مها بخجل واحراج شديدين ولم تقوى على النطق بأي حرف..في حين التفت لها والدها وقال بابتسامة: اذا فلا يسعني سوى ان اقول الآن.. مبارك يا مها..
وارتسمت على الشفاه ابتسامة.. عبرت عن كل الفرح الذي يرفرف حولهم.. وعن انتهاء ايام العذاب والشقاء الى الابد ..
شعرت ملاك بارهاق شديد وهي تتوقف عن مواصلة التدريب وقالت وهي تلتقط نفسا عميقا: اظن انه يكفي لهذا اليوم..
ابتسم لها الطبيب قال: من الغريب انك اليوم لم تطلبي ان تتوقفي عن التدريب بعد ساعة.. لقد واصلتي حتى الساعتين..
قالت ملاك بارهاق وهي تمسح جبينها: لقد اردت ان افعل المستحيل .. حتى اقف على قدمي من جديد..
قال الطبيب بهدوء: جيد.. هكذا اريدك في كل مرة..
ومن ثم التفت الى الممرضة .. وسألها عن التقرير الطبي الخاص بها.. فمنحته اياه.. فقرأه على عجل ومن ثم قال وهو يستدير عنها ويغادر المكان: يمكنك المغادرة الآن..
ساعدت الممرضات ملاك في ان تعود الى مقعدها المتحرك.. في حين اقتربت منها مها في تلك اللحظة وقالت متسائلة: لقد استغربت انا الاخرى نشاطك في اداء تدريباتك..
ابتسمت ملاك ابتسامة عذبة وقالت : ااخبرك بشيء؟..
اومأت مها برأسها وهي تستمع الى ملاك التي قالت بعد ان ازدردت لعابها: لقد حلمت حلما بالامس..
قالت مها بفضول: اخبريني بما حلمت اذا..
ترددت ملاك قليلا ومن ثم قالت بابتسامة سعيدة: حلمت اني سرت على قدمي و...
قالت مها بلهفة: اكملي..
قالت ملاك ببعض الخجل: وان مازن قد قال لي وهو يراني اسير "ستظلين ملاك حبي يا ملاك.. حتى لو ظللت عاجزة الى الابد" ..
شعرت مها بدهشة ومن ثم قالت بخبث: وهل صدقت الحلم ورفضت تصديق شقيقي؟..
قالت ملاك في سرعة: ليس الامر هكذا.. وانما .. لقد قالها بطريقة مختلفة في الحلم.. لقد شعرت انه يقولها بصدق وحنان..
قالت مها متسائلة بلهفة: وماذا قررت اذا؟.. لقد قال لي مازن انه سيعود اليوم..ويريد ان يعرف قرارك ..
رفعت ملاك كفها امام مها وقالت وهي تزدرد لعابها بارتباك وخجل: ما ترينه..
شعرت مها بمزيج من الفرحة والدهشة وعيناها تسقط على ذلك الخاتم الماسي الذي اعادت ملاك ارتداءه ..وقالت هذه الاخيرة وهي تتطلع الى الخاتم بدورها: لقد طلبت من نادين ان ترميه.. لكن يبدوا انها غافلتني ووضعته في الدرج.. ووجدته بالامس فقط عن طريق المصادفة ..
قالت مها بلهفة : اهذا يعني انك سامحت شقيقي اخيرا؟..
قالت ملاك بغرور مصطنع: لا تزال لدي شروطي..
ضحكت مها وقالت وهي تخرج هاتفها من حقيبتها: سأتصل به.. واخبره بهذا.. فبالتأكيد سيحلق من السعادة..
قالت ملاك في سرعة: لا.. دعيه.. اريدها ان تكون مفاجأة له..
توقفت مها عن ضغط باقي الارقام وقالت مبتسمة: معك حق .. ستكون مفاجأة رائعة له حقا..
خفق قلب ملاك وقالت بابتسامة: اتمنى هذا.. لقد افتقدته كثيرا في الايام السابقة..
قالت مها وهي تتعمد احراج ملاك: ليت مازن هنا ليسمع هذا الكلام..
قالت ملاك بخجل: توقفي عن قول هذا الكلام يا مها..
دارت مها حول مقعد ملاك وقالت وهي تدفعه: لهذا كنت تمارسين تدريباتك بكل نشاط وجد هذا اليوم.. من اجل مازن اذا..
التفتت ملاك الى مها وقالت هاتفة باحراج: ارجوك يكفي يا مها..
وضعت مها كفها على شفتيها وقالت بمرح: حسنا ها قد صمت ..
ولم يليثوا ان وصلوا الى السيارة التي اقلتهم الى المنزل..وما ان دلفت مها وملاك الى المنزل والاولى تدفع ملاك الى حيث غرفتها.. حتى ارتفع صوت رنين هاتف ما بالمنزل .. فقالت مها متسائلة: هل هو هاتفك؟..
شهقت ملاك وقالت: يا الهي لقد تركته في الغرفة.. سيقلق مازن الآن..
واسرعت تحرك عجلات مقعدها نحو الغرفة لتفتح بابها وتدلف الى الداخل ومها من خلفها تقول بمرح: واصبحت تهتمين لقلقه ايضا .. سبحان مغير الاحوال..
شعرت ملاك بالخجل وهي تستمع اليها وتحرك عجلات مقعدها في سرعة حتى وصلت الى حيث هاتفها .. ووجدته حينها قد توقف عن الرنين.. فالتقطته لتتطلع الى ان هناك عشر مكالمات تقريبا لم تجب عليها.. وشعرت بالتردد من الاتصال بمازن من عدمه..لقد طلب منها ان تجيب على اتصالاته على الاقل.. ولكنه الآن سيظنها تتعمد تجاهله.. لهذا بعد تفكير قررت ان تتصل به .. فيجب عليها في النهاية ان تقدم بعض التنازلات له .. فمهما يكن مازن هو ابن عمها وزوجها..
وحسمت امرها لتتصل به.. واستمعت الى الرنين المتواصل لكن دون اجابة.. استغربت هذا للوهلة الاولى.. وعاودت الاتصال مرة اخرى لكن دون اجابة ايضا.. وارتفع حاجباها باستغراب وهي تراه لا يجيب على اتصالاتها.. لكن.. ربما كان مشغولا او ربما.. لا يود الاجابة عليها..
والقت الهاتف بحنق دون ان تهتم بأي شيء آخر.. فبعد ان قررت ان تنسى الماضي وتتصل به .. وجدته يتجاهل اتصالها .. انه لا يستحق ان تبدي اهتماما به حتى...
ومن جانب آخر.. او لنقل في ذلك المبنى البعيد عن منزل امجد .. وفي تلك الشركة بالذات.. قال عادل بخبث وهو يتحدث الى فؤاد عبر اسلاك الهاتف: اجل اليوم.. قد سحبت راس مالي من شركته.. ولنرى ما سيفعله..
قال فؤاد بهدوء شديد كمن يثق بالامر ثقة عمياء: سيأتي اليك ويطلب منك ان تعيد رأس مالك الى شركته.. لانها تتعرض للافلاس..
قال عادل مبتسما: هذا ما اتمناه.. وبعدها نستطيع ان نتفرغ لملاك ونحصل على نصيبها هي الاخرى في الشركة.. بمجرد الضغط عليها و...
ردد فؤاد فجأة: الضغط عليها؟؟..
قال عادل بحيرة: اجل هذا ما اقترحته انت ذلك اليوم ..لكون الشركة ملكا لها.. اليس كذلك؟..
قال فؤاد متسائلا ومتجاهلا عبارة عادل: لقد غادر مازن البلاد ..ولم يعد حتى الآن.. صحيح؟..
اجابه عادل بحيرة اشد: اجل.. لم تسأل؟..
وللمرة الثانية تجاهل فؤاد سؤال عادل وقال بحماس: هذا افضل وقت اذا.. وخصوصا عند ابتعاد اكثر شخصين كانا يدافعان عنها ويحاولان حمايتها.. خالد ومازن..
قال عادل وهو يعقد حاجبيه: ما الذي تفكر فيه بالضبط؟..
قال فؤاد بابتسامة ماكرة مجيبا: سأجعل ملاك تتنازل عن الشركة .. برغبتها الكاملة..
- وكيف ذلك؟..
- ستعلم كل شيء في حينه.. المهم الآن هو ان امجد في الشركة في هذا الوقت.. وكمال ليس له اية كلمة مسموعة.. وخالد ومازن ليسا هنا.. لا يوجد وقت افضل من هذا لكي نحصل فيه على الشركة بكل يسر وسهولة..
واردف قائلا في سرعة: الى اللقاء الآن.. وسأخبرك بكل شيء بعد ان يتحقق ما اريده..
واسرع يغلق هاتفه.. ومن ثم يلتقط ورقة ليخط عليها كلمات ما.. وما ان انتهى حتى اسرع يضعها في جيب سترته.. ويسير بخطوات سريعة مغادرا المكتب.. واستوقفته السكرتيرة قائلة وهي تراه يهم بالخروج من مكتبها: سيد فؤاد.. هناك اجتماع بعد نصف ساعة .. الن...
قاطعها فؤاد في سرعة: اجلي كل المواعيد او الاجتماعات لبعد ساعتين من الآن.. لدي عمل ضروري وسأعود فيما بعد ..
اومأت السكرتيرة برأسها وقالت : امرك سيد فؤاد..
ولم يلبث ان غادر فؤاد المكتب.. ليغادر من بعده مبنى الشركة بأكمله..ويستقل سيارته لينطلق بها الى منزل امجد في الحال..
وما ان وصل حتى تعالى صوت بوق سيارته.. حتى فتح له الحارس اخيرا باب المنزل الخارجي بعد ان تعرف عليه.. ودخل بسيارته الى الحديقة.. ولم يلبث ان هبط منها وهو يتجه نحو مدخل المنزل ويدلف اليه.. وبحثت عيناه في ارجاء المكان عن ملاك.. لكنه لم يجد لها اثرا.. فاستدعى احدى الخادمات وطلب منها ان تستدعي ملاك الى غرفة الجلوس حيث سيكون هو..
ومر الوقت بطيئا ومملا عليه حتى شاهد ملاك تقترب منه اخيرا وهي تدفع عجلات مقعدها بهدوء شديد.. وتقول: اهلا عمي ..
تطلع لها فؤاد بنظرات ماكرة وقال: اهلا بك.. كيف حالك؟ ..
اجابته ملاك بابتسامة مصطنعة: بخير..
لم تعلم ملاك لم لم تشعر بالراحة منذ ان قالت لها الخادمة بأن عمها فؤاد يطلب رؤيتها.. وازداد شعورها هذا عندما وقعت عيناها عليه ..ربما لان عمها هو السبب في كل ما حدث لوالدها وقد حذرها هذا الاخير منه مرارا.. او ربما لان عمها لم يتمنى لها الخير في حياته.. وكان يسعى دائما لاقتناص أي فرصة تمكنه من سلب حقوقها..
وقال عمها في تلك اللحظة وهو يشير لهابأن تقترب منه: اقتربي يا ملاك..
ازدردت ملاك لعابها بتوتر واقتربت من المكان الذي يجلس فيه عمها.. فمال نحوها هذا الاخير وقال بمكر: لا بد وان مصلحة كل من حولك تهمك.. اليس كذلك؟..
اومأت ملاك براسها دون ان تعلق.. وان بدأ قلبها بالخفقان وهي تشعر ان قدوم عمها هذا اليوم لن يمر على خير..في حين اردف عمها قائلا بلهجة ذات مغزى:جيد.. وكيف حال والدك الآن؟ ..
شعرت ملاك بالقلق على والدها وقالت بخوف: انه بخير.. لماذا السؤال؟..
تسائل عمها بابتسامة خبيبثة: واتعرفين سبب بقاءه حتى الآن بالمشفى على الرغم من انه قد شفي مما به؟..
شعرت بالحيرة مما يقوله وقبل ان تعلق بأي حرف.. قال بخبث اكبر: انها اوامري.. فقد طلبت من الطبيب ان يتركه تحت اشرافه اطول فترة ممكنة.. حتى يتسنى لي الحديث معك بهدوء ..
خفق قلب ملاك بخوف وقالت بارتباك: ماذا تعني يا عمي؟..
اخرج فؤاد ورقة من جيب سترته..ووضعها امام وجهها قائلا : هذه الورقة بحاجة لتوقيعك فقط.. وبعدها سينتهي كل شيء بهدوء..
ارتجف قلب ملاك بين ضلوعها وتطلعت له بنظرات متوترة ومرتبكة وهي تقول: وماذا تحمل هذه الورقة؟..
ابتسم فؤاد وقال بابتسامة وحشية: ورقة تنازل عن الشركة .. شركتك انت..
اتسعت عينا ملاك بدهشة.. ولكنها قالت في سرعة: مستحيل .. لن اوقع عليها.. لن اتنازل عن شركة ابي لأي مخلوق كان..
قال عمها ببرود: لقد سمعت ان والدك يستطيع ان يخرج بعد يومين .. ما رأيك ان نطيل المدة اذا الى شهرين؟..
هتفت ملاك قائلة بكلمات مرتجفة: ما الذي تعنيه؟.. ابي لا شأن له.. انا مالكة الشركة .. وانا من لها الحق في التصرف فيها ..
قال فؤاد بخبث: الم تقولي للتو ان مصلحة الجميع تهمك.. وهذا هو والدك واقرب الناس اليك.. يجب عليك ان تتنازلي بالشيء القليل لاجله ..
قالت ملاك بتردد: لكن ابي هو من تعب في انشاء هذه الشركة واستمرارها.. فكيف اضيع تعبه بهذه السهولة؟..
- انت ستفعلين هذا من اجله يا...
قاطعها صوت شاب وهو يدلف الى الغرفة قائلا بحزم: لا تصدقيه ..فهو لا يهتم الا بالمال .. حتى وان كان هذا على حساب شقيقه ..
التفتت ملاك الى صاحب الصوت وقالت بقلق وخوف: لكني اخشى على ابي..اخشى ان يصاب بمكروه يا كمال..
قال كمال وهو يقترب من عمه: لن يستطيع فعل شيء.. ثقي بهذا..
اما فؤاد فقد سلم ملاك ورقة التنازل .. وقلم حبر جاف وقال بصرامة: وقعي الآن.. هيا .. والا ستفقدين والدك حقا هذه المرة ..
صاح فيه كمال بغضب: يوجد قانون في هذه البلاد.. لسنا نعيش في غابة حتى يلتهم القوي حق الضعيف..
قال فؤاد وهو ينهض من مكانه ويواجه كمال: الاموال تصمت الجميع يا عزيزي.. وهذه ليست المرة الاولى التي استخدمها فيها ..لعلمك فقط..
واردف قائلا وهو يهتف في ملاك: وقعي اذا كنت تريدين ان تري والدك من جديد..
اما كمال فقد قال بعصبية وغضب: يكفي يا عمي.. انه شقيقك .. وملاك هي ابنته.. لم تفعل هذا بها؟..
قال فؤاد ببرود: لانها لا تستحق ان تمتلك شركة وهي مجرد عاجزة .. هذه الشركة بحاجة لمن يديرها ولمن يكون خبيرا بها..
قال كمال وهو يحاول ان يتجاوز عمه ويتجه الى ملاك التي ترقرقت الدموع في عينيها وهي تتطلع الى الورقة بتردد.. وهتفت قائلة بحروف مختنقة: لو وقعت على هذه الورقة.. ستخرج من حياتنا الى الابد.. ستتركني انا وابي نعيش بسلام ..
قال فؤاد بسخرية: وسأنسى وجودكما ايضا.. فقط وقعي..
امسكت ملاك القلم بأنامل مرتجفة وهي تهم بالتوقيع في المكان المخصص لذلك.. في حين هتف فيها كمال وهو يحاول ابعاد عمه الذي يمنعه من تجاوزه والتوجه الى ملاك: ملاك لا توقعي.. انه يكذب عليك.. لن يستطيع فعل شيء.. صدقيني ..
قالت ملاك بصوت باكي: انه ابي.. وسأفعل أي شيء من اجله .. حتى وان كان التنازل عن الشركة بأكملها..
قالتها واناملها الحاملة للقلم تتجه للورقة .. وتهم بالتوقيع مرة اخرى .. لولا ان قاطعتها صرخة هذه المرة جعلت الجميع يلتفت لها وصاحبها يقول بصرامة وانفعال: اياك ...
تطلع الجميع الى صاحب الصوت بغرابة.. واطالو ا النظر اليه وهم يريدون التأكد من انه نفسه ناطق الكلمة السابقة.. وواصل هو قائلا بصرامة: اياك يا ملاك.. اياك ان تفعليها..
ران الصمت لدقائق على المكان..الا من صوت انفاسهم..واخيرا نطق كمال قائلا بدهشة وحيرة: مازن!! .. متى وصلت؟!..
قال مازن وهو يرمق عمه بنظرة حانقة: منذ قليل.. وعندما سألت الخادمة عن مكان وجودكم.. قالت ان عمي وملاك في غرفة الجلوس.. وجئت لارى الامر بنفسي..وما يدعو عمي لزيارة ملاك في مثل هذا الوقت..
وتقدم من ملاك بخطوات سريعة..متجاوزا عمه الذي لم يستطع منعه من التقدم وهو يقف في مواجهة كمال..و قال بصوت غاضب: اياك ان توقعي وتنفذي له ما يريده.. والدك حارب طويلا من اجل هذه الشركة واستمرارها فلا تضيعي تعبه كله في لحظة ضعف منك..
هتفت ملاك وهي تعض على شفتيها بمرارة: سافعل أي شيء من اجل حماية ابي..
قال كمال في تلك اللحظة: ملاك لا تفعلي.. انها شركتك انت فقط.. لا تسلميها له بكل هذه السهولة..
اما فؤاد فقد قال بابتسامة ساخرة وخبيثة: وقعي يا ملاك.. ولا تهتمي لأحد.. والدك اولا..
وقبل ان تفعل ملاك أي شيء.. جذب مازن القلم من بين اناملها ورماه بعيدا وهو يهتف قائلا: سأمنعك يا ملاك ولو بالقوة..
قال فؤاد وهو يتقدم منه بغضب: كيف تسمح لنفسك بفعل هذا؟..
تطلع له مازن بتحدي.. وتحت وطأة نظرات الذهول والدهشة التي رمقت بها ملاك مازن.. وجدته يأخذ الورقة من كفها ويمزقها الى عشرات القطع وهو يقول بانتصار وحزم: ارني الآن ما الذي ستفعله؟..
تطلع له عمه بحقد وغضب قائلا: ساريك حقا ما سافعله.. ولا تظن انك سترى عمك خالد قبل مرور اشهر.. بكلمة واحدة مني استطيع ان انهيه من الوجود.. وبطريقة لا يشك فيها أي شخص ..
قال مازن بعصبية وغضب: انه شقيقك.. اتفكر في التخلص منه من اجل اموال لن تستفيد منها؟..
قال فؤاد ببرود: انا لم اقل اني سأتخلص منه.. كل ما هنالك ان فترة اقامته ستطول بالمشفى.. ولتنفعه تلك العاجزة وقتها..
قال مازن بحدة: هذه العاجزة التي تتحدث عنها هي زوجتي.. ولا اسمح لك بأن تتطاول عليها لاكثر من هذا.. وانظر الى عقاب الله تعالى لك وانت تحاول ان تظلم ملاك وتستولي على نصيبها في الشركة.. لقد حرمك الابناء الذين من صلبك.. واموالك هذه لن يرثها احد من بعدك.. وستنتقل لاشقائك في النهاية..
قال فؤاد وهو يشير له باصبعه بتهديد: لاشأن لك.. انا افعل كل هذا لأجل نفسي.. لست بحاجة لابناء يشاركوني في شيء .. ستندمون جميعا.. وستندمين انت ايضا يا ايتها العاجزة..
قالها واستدار مغادرا غرفة الجلوس بغضب.. وعقله يفكر في طريقة لينتقم منهم جميعا..اما مازن فما ان لمحه قد غادر المنزل حتى زفر بحرارة وقال : واخيرا..
اما كمال فقد قال بابتسامة باهتة وهو يقترب منه ويضع كفه على كتفه: حمدلله على سلامتك يا اخي..
ابتسم له مازن وقال بهدوء: اشكرك.. لقد اخبرتني مها ما فعلته لاجلها.. وها انذا الآن رأيت بعيني ما تفعله لاجل ملاك.. لقد كنت اهلا للثقة ولتحمل المسئولية حقا..
قال كمال بهدوء: لا تقل هذا.. مها هي شقيقتي..وملاك هي ..شقيقتي الاخرى..
في هذه اللحظة فقط التفت مازن الى ملاك بعد ان شعر انها ربما تكون في موقف عصيب بعد كل ما جرى لها.. وبعد كل ما سمعته.. وابتعد عن كمال ليقترب منها ويقول بهدوء: ملاك.. لا تصدقيه.. ثقي بي انه يكذب..انها مجرد كلمات يهدد بها.. لن يستطيع فعل شيء..
رفعت ملاك عينيها المترقرقتان بالدموع وقالت بصوت مختنق: لماذا ذهبت وتركتني؟.. لماذا؟..
لم يعرف مازن ما تعنيه كلماتها بالضبط.. فهبط الى مستواها وقال بابتسامة وهو يمسح على شعرها: لقد سافرت بالرغم مني يا ملاك.. انت تعلمين اني لم اسافر الا من اجل ان احافظ على شركتك وشركة والدك..
وكمال الذي رأى نفسه دخيلا عليهما قرر الانسحاب من الغرفة بهدوء..دون ان يشعر به احدهما.. وهو يتنهد بألم.. ويتمنى من كل قلبه.. ان يسعد شقيقه وملاك في حياتها القادمة ...
اما ملاك فقد قالت في تلك اللحظة مرددة وكلماتها تقطر مرارة والم: لماذا تركتني؟.. الم تعلم اني احتاجك؟.. احتاجك اكثر من أي وقت مضى يا مازن..
تطلع لها مازن بحيرة وقال متسائلا بقلق: ملاك .. ماذا بك؟.. هل حدث شيء ما؟..
همست ملاك قائلة بكلمات متقطعة: لقد افتقدتك.. وعمي.. جاء اليوم ليستولي على شركة ابي.. الذي انهضها بجده.. لم اكن اريد ان اوقع.. لكنه قد يؤذي ابي..لقد خشيت عليه ..
امسك مازن بكتفي ملاك وقال بصوت حاني: اهدئي الآن يا ملاك .. وانسي أي شيء مضى.. فقط اهدئي..
تنهدت ملاك وقالت وهي تلقي برأسها على صدره : اريد ان ارتاح..ان انسى.. اريد ان احيا في سعادة كباقي البشر .. تعبت من البكاء.. تعبت من الشعور بالالم والمرارة.. اريد ان انسى وارتاح.. ساعدني على ذلك يا مازن.. ارجوك ..
ومازن الذي شعر بالدهشة من موقف ملاك تجاهه.. لكنه لم يلبث ان احاط جسدها بذراعيه وقال بهمس وحب: انا لك يا ملاك.. سأجعلك تنسين كل لحظات المرارة التي عشتيها سابقا .. وتبدئين حياتك بكل سعادة وفرح.. سأجعلك تنسين معنى الدموع.. وتتذكرين الابتسامة التي ستشرق على وجهك دائما.. فقط اهدئي الآن.. ولا تفكري في شيء ابدا .. .
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
(حمقى.. اغبياء..بلهاء.. )
كانت كلمات يرددها فؤاد بانفعال وهو يسرع بسيارته المنطلقة من منزل امجد.. متجها بها الى المشفى الذي به خالد الآن ..وتطلع الى ساعة السيارة التي كانت تشير الى انه لم يبقى الا ساعة على الوقت الذي حدده للاجتماع التالي.. فشد من قبضته على مقود السيارة وقال بغضب: تبا لك يا مازن.. ما الذي اعادك في هذا الوقت؟.. كان كل شيء يسير على ما يرام حتى حئت انت وقلبت الامور راسا على عقب.. تبا لك.. ستنال ما تستحقه قريبا.. انت وتلك العاجزة..
واستطرد بقسوة: وستنال جزائك انت كذلك يا خالد.. فأنت لا تستحق ان يفضلك والدي – رحمه الله – علينا.. منذ ان كنا صغارا وانت المدلل.. لمجرد انك اصغرنا.. وفي النهاية اختارك انت ليسجل اكبر شركاته باسمك.. لهذا والآن سآخذ حقي منك ولو بالقوة..
وعاد لينطلق بسرعة اكبر وهو يرى ان الوقت يمضي والمشفى لا يزال بعيدا..ولم يجد امامه سوى ان يتجاوز تلك السيارة التي امامه .. متجاهلا أي شيء آخر.. متجاهلا ان الطريق الذي على يساره هو طريق عكسي للسير..
وادار مقود السيارة لينطلق باقصى سرعة .. وهنا.. وهنا فقط رأى تلك الشاحنة التي تنطلق نحوه في طريقها العكسي .. وكرد فعل غريزي ادار مقود نحو خارج الطريق.. واثر سرعته لم تحتمل السيارة كل هذه السرعة وادراة المقود فجأة لهذا انقلبت رأسا على عقب عدة مرات قبل ان تستقر بشكل مقلوب.. واشتعلت فيها النيران بعد عدة دقائق لتلتهم كل شيء واي شيء مما حولها...